Wednesday, 25 September 2013

من فوق هالله هالله ومن تحت يعلم الله





نارٌ جهنميةٌ تشتعل بداخل صدره، يكره هذا ، يشتم ذاك، يغتاب صديقه وينشر الفتنة بين أوساط الأحبة، حقدٌ من فئة الخمس نجوم، دقات قلبه ليست نبضاً للحياة أبداً بل رنينٌ شيطاني، يُجاهد من أجل أن يجعل سُمعتك سوداء كقلبه ولا يُريدك حتى أن تشاركه في إستنشاق الأوكسجين. 

 ولـكـن عندما تُقابله تظن أنك تتكلم مع أحد الملائكة، يَتَبسم في وجهك، يسأل عَنك لا يكتفي بالمُصافحة بل يبدأ بتقبيلك، ليُظهر لك الوجه الآخر في هذه العملة الرخيصة، " كيف حالك ؟ وحشتني ؟ وينك ما تبين ؟ " هذا كلامه وهو يعانق نصف جسدك.


قد تكون وضعت بعض الأشخاص في مخيلتك الآن من ذوي الوجوه البيضاء والقلوب الحاقِدة، أبناء هذه الفئة لا يُكتشفون بسهولة ولكن اعلم إنهم مُنتشرون بكثرة، أنا لا أشجعك على الظن السيء بالآخرين ولكن وُجب أن تحذر ممن يُزيْنون لك طعامَك لتأكله وهم ليسوا إلا فخوخاً تحت الثرى لاتُبان تحاول أن تمنعك من مُمارسة حريتك.


صحيح أنهم كثيرون كما ذكرت ولكن في كل الاحوال لا تتجسس على أي أحد لتكتشف ماذا يُخبئ لك ولا تُقِم له إختباراً ، بل إحمله على سبعين محملاً من الخير فإن كُنت عندها على خطأ ستشعر بذنب عظيم وضميرٍ يؤنبك كُلما رأيته وقد تسقط الثقة بينكُما، وفر تعبك وإتركها على الأيام والمواقف فقط ، فهي التي ستكشف لك ماذا تخبئ هذه الصناديق النابضة.


ولكن في حال أن عثرت على أحد هؤلاء المرضى، على من كُنت تعتبره "أخاك" أو "وطنك" وهو من خلفك يعتبرك العدو الأول والأخير وتيقنت من هذا، فعظم الله لك الأجر. 


 أول تصرف يجب أن تقوم به هو ببساطة تركه وشانه ثم حاول أن تترك إنطباعاً بعكس ما يقول، فعلى سبيل المثال: إن قال عنك بخيل فالتعطي وتُكرم أكثر وتجعل الناس يمدحون كرمك بأنفسهم، فقط إثبت عكس ما يقول بشرط أن تقوم بالصحيح فلا ترضي الخلق بمعصية الخالق، وإعلم أن رضا الناس غاية لاتُدرك فقم بالشيء الذي تراه الصواب دائماً. 
 

قال تعالى في سورة  فصلت : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، في تفسير الميزان لهذه الآية يَقول الطباطبائي رحمه الله تفسيراً لكلمة " ادفع " : "فادفع بالحق الذي عندك باطلهم لا بباطل آخر و بحلمك جهلهم و بعفوك إساءتهم و هكذا".


 توضح الآية أننا لايجب أن نواجه الخطأ بالمثل، أي أنه لايُمكن أن تًحل مشكلة بإختلاق مشكلة أخرى، فلو طعنت من طعنك سابقاً فقد أعطيته مبرراً لما فعل !  إذاً كيف تواجهه ؟ وكيف تنظر له ؟ 

" بـإبـتـسـامة عـريـضـة " فقط وتظاهر بأنك لاتعلم شيئاً وبيدك خيار أن تسامحه فعندها تكون قد عاملت السيئة بالحسنة.

 
وتذكر دائماً وأبداً، شخصيتك، نظافتك، إنطباعاتك، أفكارك، طريقك، مذهبك، وحياتك كُلها بإختيارك أنت وأنت وأنت، وفي النهاية كُن واثقاً أن نُباح كلبٍ هنا وجروٍ هُناك لايمكن أن يعلو على صوت زَئيرك إلا في حال صمتِك، والقوي فعلاً هو من يُسامح ويتجاهل ويحاول أن يرضي ربه ونفسه ويصحح من أخطائه ويطور شخصيته ، لا من يرد على كل سيئة بسيئة أكبر.




 

أحمد البناء | 29/08/2013

Saturday, 7 September 2013

الذهب اللامع من المُنجم المُظلم



    نعم !  أغلبنا يحكم على الآخرين من مظاهرهم الخارجية، ثم يتهم نفسه بالغباء عندما يكتشفهم ويعرفهم ! قد يرى تفاحة جميلة حتى يسيل لُعابه، وبعد أول قضمة يكتشف أنها مملوءة بالدود ! قد يرى شاباً يُكلم نفسه في إحدى زوايا جامعته فيتهمه بالجُنون وبالغباء وبعدها يكتشف إنه كان يتدرب لمحاضرة سيُلقيها أمام العشرات ليستفيدوا منه. 




هذا يحصل دائماً وقد تكون عادةً فطرية ولكن المُشكلة ما يُبنى على ذلك، ما نبنيه نحن بخيالنا – الظالم – فقد نستبعد أشخاصاً من حياتنا فقط لأن أشكالهم لم تُعجبنا أو لأنهم يشبهون أشخاصاً آخرين فنظنهم بنفس الطِباع ولو دخلوا في حياتنا لأصبحت أفضل والعكس تماماً.





والحل لهذه المشكلة هو أن نتخلى عن هذا الجانب الذي سأسميه " جانباً طفولياً " فالأطفال يخافون من كبيرات السن عندما يرغبن بإحتضانهم بعد أن يروا تقاسيم وجهوهِن أو يسمعوا نبرة الصوت المَبحوحة، ولكن الأطفال أنفسهم لا يخافون من جداتهم اللاتي يمتلكن نفس الصفات لتعودهم عليهن، ولأنهم يؤمنون أن هذه التي تُخيفني تُحبني ولن تؤذيني أبداً.





فلنُفهم عقلنا الباطني ليزداد إستيعابُنا لمسألة المظهر الخارجي أن كُل شخص هو بستان وأنه مُحاط بسور عالٍ جداً، ولا يُمكننا أن نتجاوز هذا السور لنرى البُستان إلا بعد العثور على باب السور، فقد تتجه لسورٍ ذهبي جميل مُزخرف بألوانك المُفضلة، وبعد أن تدخله ترى البُستان كأطلال الحروب ! وقد تتجه لذلك السور الإسمنتي الغير مَطليْ حتى وعندما تفتح بابه المملوء بالصدأ تظن أنك ترى الجنة في الأرض.  
   -  البساتين هم الناس وحقيقتهم وشخصيتهم، وأبوابها هي طريقة معرفة شخصياتهم التي تُمثل البُستان من الداخل، أما السور العالي فهو الشكل الظاهري الذي قد يثير إعجابك أو إشمئزازك من أولى النظرات.
 



بالحديث عن سور البستان أي الشكل الخارجي الذي يمثل الطبقة الشكلية فقط لكل إنسان أتذكر قصةً كتبها الدكتور إبراهيم الفقي في إحدى كتبه عن تمثال من الطين الصلصالي يُسمى "بوذا" قرر العُمال إبعاده عن مكانه في أحد المباني لإقامة طريق سريع، فرفعته الرافعة الآلية وتسبب ذلك في تشقق بعض من الطين بالطبقة الخارجية للتمثال، فلما وُضع الضوء لإكتشاف مكان الشُق إنعكس الضوء فثار هذا إستغراب وفضول العمال حيث أن الطين لايعكس الضوء بهذه الدرجة، عندها بدؤا شيئاً فشيئاً بإزالة طبقة الطين ليروا أنفُسهم أمام تمثال عملاق من الذهب.
 
 - لذا فإنتبه فقد تستصغِر من تراه اليوم طيناً وغداً تتفاجأ بكونه ذهبا.
 
 



فالنسأل أنفسنا هذا السؤال (ماذا لو تخَلينا عن هذه الآفة ؟ ) سيؤدي هذا لتخلينا عن العنصرية والطائفية وكل الأمراض المشابهة، لأننا عندها لن نرى من الناس وُجوههم ولا أجسادهم ولا دينهم ولا إنتمائهم بل سَنرى قلوبهم ونتبادل أفكارنا مع عقولهم ونتعامل مع أخلاقهم ليس إلا.




وختاماً، أشجع الجميع على أن ينظروا للآخرين من داخلهم ويتركوا الشكل الخارجي وكأنهم لم يروه ويُسقوا أنفسهم وتفكيرهم بما هو نافع لتُصبح شخصيتهم لامعة وذكية تدوم سنيناً لا تصدأ وهذا ( لا يعني أبداً ترك الشكل الخارجي وعدم الإكتراث له ). وبالمُحاكاة بمثال البُستان ذو السور العالي فإنك كُلما أبدعت في زرع الأفكار الإيجابية لعقلك ورويتها بإستمرار فإن ثمارك ستكون أحلى وأجمل. فلتحرص على ريّ بُستانك بالعلم والمعرفة لأنه سيأتي اليوم الذي ينظر الناس له ويستنشقوا من رحيق وروده.





    -  ودُمتم بساتيناً مُزدهرة .



  أحمد البناء ،  30 / 07 / 2013



Thursday, 29 August 2013

القيمة ( X )




كُلنا يعلم بأنه لايوجد شخص في العالم بلا قيمة، فهناك الفالح والطالح و لكل مجتهد نصيب في أن يُفيد العالم ، وطنه ، مُجتمعه ونفسه، فالناس كالأعداد هُناك من هو بسيط وصغير من الأعداد الأحادية، وهُناك من أفاد العالم وظفر بعِلمه كَكِبار العُلماء.

قد يتسائل الكثيرون أي قيمة عددية نحن؟ هل لازلنا نقفز بين نسبِ الآحاد أم وصلنا إلى المئات والألوف ؟! هل كُنا قيمةً عددية موجبة وضعفنا حتى وصلنا للسالب ؟ كيف نزداد ؟ كيف نُطور أنفسنا ؟!
الإجابة على هذه الأسئلة تكمُن في غرفتين بينهما بابُ واحد وهم من أساسيات العمليات الحِسابية ( الجمع ، الطرح ) ، فلنعتبر أنفسنا القيمة إكس X ونحن نطمح أن نزداد ونتطور فيَجب علينا أن ندخل إلى باب ( الجمع ) فهو الذي سيُزيدنا، ولكن يُشترط على من يُريد الدخول أن يخرج من باب ( الطَرح ) وهذا هو المطلوب التخلي عن السالب للحُصول على المُوجب.

عِند فهمنا لهذه الشَبكة البسيطة جداً سنفهم كيف نُطور أنفسنا وكيف نتحول بسُهولة من أعداد سلبية إلى إيجابية، فعندما نتخلى عن ( الطرح ) وهي الإحباط وعدم الثقة بالنفس والسلبية والكَسل والإهمال سنحصل على ( الجَمع ) وهو الإرادة والطُموح والعزم والإلهام والتحفيز لنُصبح من عدد سلبي إلى عدد إيجابي شيئاً فشيئاً.

ولِمُحاكاة هذه العمليات الحِسابية بواقِعِك أُنظُر حَولك ! إلى كُل ما يُخصك وحاول أن تستخلص إن كان في غُرفة الجمع أو الطَرح، فمثلاً أنا أحب قراءة الكتب فهذه في غرفة الجَمع، أنا مُهمل هذا في غُرفة الطَرح هذا يُنقصني سأصبح نشيطاً سأخرج من غُرفة الطَرح للجمع سأصبح عدداً موجباً يُزيد ويُعطي ولا يُقلل ويأخُذ، ولا تتوقع بأن تطورُكَ يُمكن أن يَكون في ليلة وضُحاها ؛ فَفي كُل يوم ستَكتشِف عيباً جديداً ، لتُصبح اليوم إنسانٌ أفضل من أمس و غداً إنسانٌ أفضل من اليوم.

فإذا وصلنا لهذه المرحلة ، أن نتحول لأمةٍ مُنتجة أكثر مما هي مُستهلكة علينا أن نحذر في علاقاتنا فالعدد الموجب إذا جُمع مع العدد السالب إتجه العدد نحو القيم السالبة وقَلت قيمته ! وكذلك علينا أن نُحسِن اللعب فلو قُمنا بعملية الضرب مثلا وخرجنا من إطار الغُرفتين ( الجمع والطرح ) سنزداد بشكل كبير إنْ لم نتهور ونضرب أنفسنا في ( صِفر ) مثلاً عندها سنخسر كُل ما بنيناه وسَنرجِعُ للصِفر.

فلـنَقرأ بعض هذه المسائل من الحياة ،
القيمة
X  هي شابٌ طور مهارته في السياقه شيئاً فشيئاً ، حتى تهور وإنتهى به الحال في المشفى بسبب التفحيط .

القيمة
X  هي لاعبُ كمال أجسام تمكن من الوصول لمستوى إحترافي، حتى تهور وإستعمل بعض الحبوب الضارة وتوفيّ بفشلٍ كلوي .

القيمة
X  مُراهق سلبي بلا علاقات إجتماعية، تغلب على محنته و أصبح له العديد من الأصدقاء وعِندما تهور وأخذ يُصادق الكثيرين بلا إكتشافهِم أصبح الآن يُعاني من المُخدرات بِفِعلِ أصدقاء السوء !

نحن نرى أبناء القيمة
X  كُل يوم في حياتنا ونسمع عنهم ونقرأ قِصصهم في الجرائد وقد نكون عِشنا لحظاتهم لثوانْ، العِبرة هي إن التحول من شخصٍ سلبي إلى إيجابي أمرٌ في غاية السُهولة والإمكان عِند وجود النية وهذا مايجب علينا فعله ، ولكن عِندما تفعلها فلتَحذًر أن ينتابُك الغُرور وإستفد من قيمتك ومِمَنْ هُو حَولك ولا - تتهور- في أن تكون إيجابياُ فهذا التهور - المؤدي للإيجابية - سلبي بحت.

مع تحياتي / أحمد البناء ، مُتخرج كاره لمادة الرياضيات ..

20 / 6 / 2013